تعرف على الخشب الأقوى من الفولاذ, الذي يمكنه صد الرصاص!
تشتهر بعض أنواع الخشب, مثل البلوط والقيقب, بقوتها. لكن العلماء يقولون إن عملية جديدة بسيطة وغير مكلفة يمكن أن تحول أي نوع من الخشب إلى مادة أقوى من الفولاذ, وحتى بعض سبائك التيتانيوم عالية التقنية. إلى جانب أنه يمكن استخدام هذه المادة لصنع لوحات دروع مقاومة للرصاص !
الخشب وفير ومنخفض التكلفة نسبيا - فهو ينمو حرفيا على الأشجار. وعلى الرغم من استخدامه لآلاف السنين لبناء كل شيء من الأثاث إلى المنازل والهياكل الأكبر, نادرًا ما يكون الخشب غير المعالج قويًا مثل المعادن المستخدمة في البناء. لقد حاول الباحثون من فترة طويلة تعزيز قوته, لا سيما عن طريق ضغطه وتكثيفه, كما يقول "ليانغبينغ هو" وهو عالم المواد في جامعة ماريلاند, كوليدج بارك. لكن الخشب المُكثف يميل إلى الضعف ويعود إلى حجمه وشكله الأصلي, خاصة في الظروف الرطبة.
يقول "هو" وزملاؤه إنهم توصلوا إلى طريقة أفضل لتكثيف الخشب, وهو ما أفادوا به في تقرير في مجلة Nature. تبدأ عملية بسيطة من خطوتين بغلي الخشب في محلول هيدروكسيد الصوديوم (NaOH) وكبريتات الصوديوم (Na2SO3), وهو علاج كيميائي يستعمل لإنشاء لب الخشب المستخدم في صناعة الورق. تزيل هذه العملية جزئياً "اللجنين" و "الهيميسليلوز" (البوليمرات الطبيعية التي تساعد على تقوية جدران الخلايا النباتية) - ولكن تترك بشكل كبير السليلوز الخشبي (بوليمر طبيعي آخر) كما هو.
الخطوة الثانية هي بنفس البساطة مثل الخطوة الأولى : ضغط الخشب المعالج حتى تنهار جدران خلايا الخشب, ثم الحفاظ على هذا الضغط أثناء تسخينه بلطف. كما يشجع الضغط والحرارة على تكوين روابط كيميائية بين أعداد كبيرة من ذرات الهيدروجين والذرات المجاورة في ألياف نانوية مجاورة من السليلوز, مما يعزز المادة بدرجة كبيرة.
النتائج مثيرة للإعجاب. قال "هو" أن الخشب المضغوط أصبح ثلاثة مرات أكثف بالمقارنة مع المواد غير المعالجة, مضيفاً أن مقاومته للتكسر إزدادت اكثر من عشرة اضعاف. كما يمكن أن يصبح أكثر مقاومة للضغط بحوالي 50 مرة وتقريباً 20 مرة أكثر صلابة. والخشب المُكثف هو أيضًا أقسى وأكثر مقاومة للخدش وأكثر مقاومة للتأثير. كما يمكن أن يُحول إلى أي شكل تقريباً. ولعل الأهم من ذلك, أن الخشب المُكثف هو أيضًا مقاوم للرطوبة : ففي تجارب المختبر, تضخمت العينات المضغوطة المعرضة للرطوبة الشديدة لأكثر من خمسة أيام بأقل من 10 بالمائة, وفي إختبارات أخرى قال "هو" أن طبقة بسيطة من الطلاء نجحت بإزالة هذا التضخم.
وتسببت طبقة من الخشب مكونة من خمسة طبقات في إيقاف الرصاص المستعمل في إحدى التجارب, وهو ما يشير إلى أن هذا الخشب الصناعي عالي الصلابة يمكن أن يُستعمل كدرع منخفض التكلفة.
شركات تصنيع السيارات حاولت في كثير من الأحيان توفير الوزن عن طريق التحول من الفولاذ العادي إلى الفولاذ عالي الصلابة, أو سبائك الألومنيوم أو مركبات ألياف الكربون, لكن هذه المواد باهظة التكلفة. الخشب المُكثف لديه ميزة أخرى مقارنة مع مركبات ألياف الكربون, وهي أنه لا يتطلب مواد لاصقة باهظة الثمن يمكنها أن تجعل المكونات صعبة, إن لم تكن مستحيلة, لإعادة التدوير.
يوفر الخشب المكثف إمكانات تصميمية جديدة واستخدامات يكون الخشب الطبيعي فيها ضعيفًا للغاية. كما يقول بيتر فراتزل, عالم المواد في معهد ماكس بلانك للواجهات في ألمانيا والذي لم يشارك في الدراسة. "بدلاً من إنشاء تصميم للمواد الموجودة, يمكن للباحثين أن يصنعوا مادة تناسب التصميم الذي يريدونه" مشيراً إلى عملية مألوفة بين مهندسي الطيران والفضاء الذين لديهم تاريخ طويل في تطوير سبائك أقوى من أي وقت مضى لتلبية احتياجاتهم.
على الرغم من سعي "هو" وفريقه إلى تعزيز قوة الأخشاب, فقد تابع باحثون آخرون أهدافًا غير عادية مثل جعلها شفافة. توصل فريق آخر بقيادة عالم المواد لارس بيرغلوند في معهد KTH الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم, إلى طريقة لتصنيع نوافذ من الخشب! الخطوة الأولى في هذه العملية (كما كان الحال مع "هو") هي إزالة اللجنين, وهي مادة لا تشدِّد الأخشاب فحسب, بل تضيف لونها البني أيضًا. يمزج الباحثون الخشب الخالي من اللجنين مع بوليمر يدعى ميثيل ميثاكريلات (MMA), وهي مادة معروفة بشكل أفضل من خلال الأسماء التجارية مثل Plexiglas و Lucite.
تعليقات