أنشأ الفيزيائيون شكلاً جديدًا من الضوء!


جرب تجربة سريعة: أشعل مصباحين ضوئيين في غرفة مظلمة وقربهما مع بعضهما حتى تتقاطع حزمتا الضوء من كلا المصباحين. هل لاحظت أي شيء غريب ؟ الإجابة الأكثر ترجيحاً هي لا. ذلك لأن الفوتونات الفردية التي تشكل الضوء لا تتفاعل. بدلا من ذلك, هم ببساطة يمرون ببعضهم البعض, مثل الأرواح اللامبالية التي تسير ليلاً في أحد أفلام الرعب.

ولكن ماذا لو أمكن صنع جسيمات الضوء للتفاعل, وجذب وصد بعضها البعض مثل الذرات في المادة العادية ؟ أحد الإمكانيات المحيرة, وإن كانت خيال علمي, ألا وهي : ما يسمى بـ "السيوف الخفيفة الضوئية", وهي أشعة من الضوء يمكن أن تسحب وتدفع بعضها بعضاً كالتي في فيلم حرب النجوم, مما يؤدي إلى مواجهات مبهرة ملحمية. أو في سيناريو أكثر احتمالاً, يمكن أن تلتقي حزمتان من الضوء وتندمجان في شعاع واحد مضيء.

في دراستين مختلفتين ، نشر أحدهما في مجلة Nature في عام 2013 وآخر منشور في مجلة Science في عام 2018, قام فريق بقيادة أستاذ الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا,  فلادان فوليتش, وأستاذ الفيزياء في جامعة هارفارد, ميخائيل لوكين, بتحديد طريقة لتفاعل الفوتونات باستخدام سحابة ذرات الروبيديوم. قاموا بتبريد تلك السحابة إلى مليون درجة فوق الصفر المطلق, مما جعل الذرات مكتظة جداً بالحركة. ثم أطلقوا عليه شعاع ليزر ضعيف وأرسلوا بضع فوتونات في كل مرة وقاسوا ما خرج من الجانب الآخر. 
--- تعرف على الخشب الأقوى من الفولاذ, الذي يمكنه صد الرصاص !
ما وجدوه كان مثيرًا جدًا. عادةً, تخرج الفوتونات من السحابة في فترات عشوائية كمسافرين منفصلين, مثلما يحدث دائمًا. لكن الفريق وجد أنه على الرغم من دخولهم السحابة كأفراد, فإن هذه الفوتونات خرجت على شكل أزواج - وحتى ثلاثة توائم. ليس ذلك فحسب, بل إن قياسًا خاصًا بالطاقة يُعرف باسم "الطور" كان أكبر. كان للثلاثي طورُ تحولٍ أكبر بثلاث مرات من الأزواج. في الواقع, كانت هذه الفوتونات تلتصق ببعضها لتشكل نوعًا جديدًا تمامًا من المادة الفوتونية.

قد يبدو أن مثل هذا السلوك البصري يتطلب الخروج على قواعد الفيزياء, ولكن في الواقع, أثبت العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد وأماكن أخرى أن الفوتونات يمكن بالفعل أن تتفاعل - وهو إنجاز قد يفتح الطريق نحو استخدام الفوتونات في الحوسبة الكمية

في حين أن الفوتونات عادة لا تحتوي على كتلة وتنتقل بسرعة  300 ألف  كيلومتر في الثانية (سرعة الضوء), وجد الباحثون أن الفوتونات المرتبطة حصلت فعليًا على جزء من كتلة الإلكترون. كانت جسيمات الضوء الجديدة ذات الوزن المنخفض هذه بطيئة نسبيًا, حيث كانت تسير ببطء أكثر من 100000 مرة من الفوتونات غير المتفاعلة العادية.

يقول فلادان أن النتائج تثبت أن الفوتونات يمكنها بالفعل التجاذب, أو تداخل بعضها مع بعض. إذا كان من الممكن جعلها تتفاعل بطرق أخرى, فقد يتم تسخير الفوتونات لإجراء عمليات حسابية معقدة للغاية وبسرعة فائقة.
يقول فولتيك : "لقد كان تفاعل الفوتونات الفردية حلماً طويلاً للغاية منذ عقود".
--- أصغر كمبيوتر في العالم  بحجم حبة ملح!
ما هو الشيء المميز في تفاعل الفوتونات؟ حسنا, الفوتونات هي المرشح الرئيسي لإنشاء أجهزة الكمبيوتر الكمية, إذ أن هذه الأخيرة لازالت في بداياتها ولكن يمكن أن تحسب البيانات ملايين المرات أسرع من أجهزة الكمبيوتر التقليدية. أحد العوامل الرئيسية لهذه السرعة هي ظاهرة التشابك الكمي الإرتباطات بين جسيمين اثنين يمكن أن تزيد من قوة جهاز الكمبيوتر أضعافا مضاعفة. عندما تتفاعل الفوتونات, فإنها يمكن أن تخلق هذه الارتباطات. يقول فوليتي: "إذا كانت الفوتونات قادرة على التأثير على بعضها البعض, فعندئذٍ إذا أمكنك تشبيك هذه الفوتونات, وهو ما قمنا به بالفعل, يمكنك استخدامها لتوزيع المعلومات الكمية بطريقة مثيرة للاهتمام ومفيدة جداً."


لم يعلق الفريق على إمكانية استخدام الأضواء في غير الحواسيب الكمية,  لكننا نأمل. بعد هذا الإكتشاف, إذا تمكنت من السيطرة على هذه الفوتونات الصغيرة المتفاعلة, فقد تتمكن من صنع أسلحة على الأقل ترتد من بعضها البعض للمتعة تماماً كالسيوف الضوئية التي نشاهدها في فيلم Star Wars.

تعليقات

الأرشيف

نموذج الاتصال

إرسال